تنسيقية دوما: هنيئاً له بالشهادة
قد يظن القارئ أننا سننقله في قصتنا إلى فلسطين المحتلة، ونتكلم عن قصة استشهاد أحد أبناءها.. ويذهب آخر إلى أفغانستان.. أو الصومال.. ولكن بطل قصتنا هو الشاب (حيدر عز الدين ) من أبناء مدينة دوما، في سوريا الجريحة...
بدأت أحداث القصة.. مع بدء الحراك السلمي في سوريا، والمطالب بإصلاحات سياسية، ومحاربة الفساد، ورفع قانون الطوارئ.. وكما نعلم فإن أبناء سوريا انطلقوا من أيام الجمع (جمعة الشهداء.. الصمود.. العظيمة.. التحدي) ليعلنوا عن مطالبهم، ويوكدوا باستمرار تلك المطالب حتى تحقيقها..
وما كان من النظام الإجرامي السوري إلا أن ضرب بيد من حديد تلك المظاهرات السلمية.. فواجه الصدور العارية بالرصاص والقنابل.. وقابل غصن الزيتون بالاعتقال والتعذيب.. وحتى هذه اللحظة وصل الشهداء إلى ألف شهيد، والمعتقلين إلى ما يزيد عن عشرة آلاف شخص في سوريا. وكان لمدينة دوما (عاصمة ريف دمشق) نصيب كبير في هذه الأحداث.. فحاولت أن تأخذ دور البطولة والقيادة في هذه المظاهرات من محافظة درعا.. فسقط العديد من الشهداء على أرضها، كما اعتقل المئات من أبناءها، ولكن ما يدمي القلب قصة الشهيد حيدر عزّ الدين، فقد وصلت قصة استشهاده بعد استشهاده بفترة طويلة.. وذلك بسبب اختلاف الرواية الرسمية عن رواية الشهود وأبناء مدينة دوما..
حيدر هو من أبناء مدينة دوما في ريف دمشق ، قامت قوات الأمن باعتقاله في يوم الجمعة 1 نيسان 2011. وذلك في خطوة استباقية لقوات الأمن قبل أن يخرج المصلون للتظاهر.. فقامت قوات الأمن باقتحام المسجد واعتقال بعض الناس لترهب أهل المدينة، وتمنعهم عن التظاهر، فتم اعتقال الشهيد حيدر علماً أنه لم يخرج بالمظاهرة، ولم يشتبك مع رجال الأمن، حيث اعتقل وهو بكامل صحته الجسدية، والنفسية، والعقلية.
قامت قوات الأمن بنقل الشهيد حيدر إلى فرع الأمن الداخلي التابع لفرع مخابرات أمن الدولة السورية، والواقع في حي الخطيب في مدينة دمشق.. وقد وصلنا من بعض المعتقلين الذين كانوا في ذات القسم أحداث تعذيب الشهيد حيدر عز الدين حتى لحظة استشهاده.
وفرع الأمن الداخلي غني عن التعريف، فمن زار هذا الفرع يعلم حجم التعذيب التي تمارسه عناصر هذا الفرع على المعتقلين، والجدير بالذكر أن الناس المتواجدين في الفرع يستطيعون سماع الضرب والتعذيب وصراخ الموقوفين..
لم يقترف الشهيد حيدر عز الدين أي جرم ، ولم يمارس أي عملاً يخالف عليه القانون... ولم يشترك في المظاهرات السلمية حتى يكون زائراً لذلك الفرع.. ولكن يبدو أن الله عز وجلّ أراد أن يكتب له الشهادة، على يد قوات الأمن السورية الظالمة.. فبعد اعتقال الشهيد قام رجال الأمن بضربه ضرباً مبرحاً، وممارسة أنواع التعذيب عليه حتى وصل الأمر بالمحقق أن يقول له: قل لا إله إلا بشار، وأطلق سراحك!!.. فكان جواب الشهيد رحمه الله : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فانهال المحقق على الشهيد ضرباً وتعذيباً.. ثم أعاد طلبه مرة أخرى وقال: قل لا إله إلا بشار وأطلق سراحك!! فأعاد الشهيد البطل الجواب ذاته : لا إله إلا الله محمد رسول الله... وأيضاً هذه المرة أعاد المحقق ممارسة ألوان التعذيب وقال له للمرة الثالثة: قل لا إله إلا بشار وأطلق سراحك!! فقال الشهيد : لا إله إلا الله محمد رسول الله.. فلم يتمالك المحقق أعصابه وانهال ضرباً وتعذيباً للشهيد حتى خرجت روحه إلى بارئها.. وما كان من المحقق إلا أن أخرج مسدسه وأطلق رصاصة على رأس الشهيد حيدر اخترقت جمجمته من الأمام وخرجت من الخلف.
وبعدها قام رجال الأمن بحمل الجثة إلى مستشفى الهلال الأحمر القريب من الفرع، والمعروف عن رئيس المستشفى سالم عنتابي بأنه مقرب من رجال الأمن ، ويقوم بالتستر على جرائمهم.. فأعلنت إدارة المستشفى أن الشهيد أصيب برصاصة في رأسه أثناء المواجهة الميدانية عندما كان أبناء دوما يقومون بالتظاهر ضد النظام.. وبعدها قام الأمن بتسليم جثمان الشهيد إلى أهله مع شهداء مدينة دوما يوم السبت مساءاً.
وقد أفاد شاهد العيان الذي قام بتغسيل الشهيد قبل دفنه بأن جسده كان ملييئاً بالثقوب، وبعلامات الضرب والجلد، وأكد الشاهد بوجود فتحة في رأس الشهيد دخلت أصبعه كاملة فيها، حيث أكد بأن الرصاصة التي أطلقت عليه دخلت رأسه وخرجت من الطرف الآخر مما يؤكد أنها أطلقت من مكان قريب...
وفي ختام قصتنا نتقدم إلى كل صاحب ضمير حيّ بالاستفسار التالي : إذا كان الله عز وجل خلق الأرض ومن عليها، وأمرنا أن نقوم بعبادته وحده وألا نشرك به شيئاً.. ومع ذلك أوجد على هذه الأرض أقواماً آمنوا به.. وآخرون كفروا به... فهل يعقل ألا يقبل النظام السوري من أبناء سوريا أن يختاروا المصير الذي يريدون.. والشخص الذي يحبون!! وألزمهم بحزب البعث حزباً واحداً... وبشار الأسد رئيساً إلى الأبد!!.
قسم تحرير الأخبار
تنسيقية مدينة دوما – الثورة السورية
الأحد مايو 15, 2011 1:38 pm
